تخطي إلى المحتوى الرئيسي

التحول الحقيقي في حياة سوسن: رسم مسار نحو الاستقرار

في ريف محافظة تعز، وتحديداً في مديرية موزع، نشأت سوسن محمد ، امرأة ريفية كباقي النساء في منطقتها، تعيش حياة بسيطة، مستقرة، برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة. أكملت سوسن تعليمها الثانوي، وكانت تؤدي دورها كزوجة وأم في كنف أسرة تعتمد على عمل الزوج كمصدر وحيد للدخل.

لكن الحياة تغيّرت فجأة حين أُصيب زوجها إصابة خطيرة في العمود الفقري نتيجة الحرب، فأصبح غير قادر على العمل أو الحركة. لم تعد الحياة كما كانت، وبدأت معاناة سوسن في محاولة توفير أبسط متطلبات العيش، لا سيما وهي تعيش مع أسرتها في خيمة للنازحين بعد أن فقدت منزلها في الحريق، وفقدت معها معظم ما كانت تملك.

أصبحت سوسن تعتمد بشكل كلي على المساعدات الإنسانية من المنظمات والجيران لإطعام أطفالها الثلاثة، والاعتناء بزوجها المصاب. ومع ضيق الحال، حاولت أن تعتمد على نفسها فبدأت ببيع الملابس الجاهزة داخل المخيم، وعن هذه التجربة تخبرنا سوسن قائلة" حاولت الاعتماد على نفسي والبدء ببيع الملابس الجاهزة، لكن تقلب أسعار الصرف وتراكم الديون قضى على هذه التجربة في مهدها، ولا زالت مدينة للناس إلى اليوم".

وسط هذا الظلام، لم تستسلم سوسن. فقد سمعت عن برنامج تدريب مهني تنفّذه منظمة صُنّاع النهضة بدعم من كورديد والاتحاد الأوروبي، ضمن مشروع يهدف إلى تعزيز سبل العيش في اليمن. كانت تلك اللحظة بمثابة نافذة أمل لسوسن، فتقدّمت فوراً للالتحاق بالتدريب في مجال الخياطة، وهو المجال الذي لطالما أحبّته.

شاركت سوسن في التدريب بكل شغف واجتهاد، وتعلّمت المهارات الأساسية والاحترافية في الخياطة. وفي نهاية التدريب، تسلّمت حقيبة مهنية، والتي احتوت على الأدوات والمعدات اللازمة لبدء مشروعها الصغير من داخل المخيم.

ومن هنا، بدأ التحوّل الحقيقي في حياة سوسن. وعما استفادته من التدريب تخبرنا سوسن قائلة "بدأت أخيط الملابس لسكان المخيم، وألبّي طلبات النساء، وأبيع لهن منتجاتي. شيئاً فشيئاً، أصبحت قادرة على توفير احتياجات منزلي الاساسية، وتأمين قوت يومي".. مضيفة.. "امتلاك مصدر دخل خاص بي جعلني أشعر بالأمان النفسي بشكل كبير".

اليوم، سوسن لم تعد تلك المرأة التي تنتظر المساعدة، بل أصبحت امرأة منتجة، مبدعة، ومصدر أمان لعائلتها توسع عملها، وزاد إقبال الناس عليها، لأنها أصبحت خياطة ماهرة يُشهد لها في المخيم. تشعر أن لها مكاناً في هذا العالم، وأن لها الحق في كل يوم تعيشه بإرادة قوية وحياة كريمة.

وفي قلبها، تحمل سوسن شكراً عميقاً لمن كان لهم الفضل في هذا التحول:
منظمة صُنّاع النهضة، كورديد، والاتحاد الأوروبي، الذين منحوا لها فرصة لتنهض من بين ركام النزوح، وتبني حياة مستقرة وآمنة لها ولأطفالها.

سوسن كانت واحدة من ضمن 450 شخص تم استهدافهم في عام 2024-2025 من قبل منظمة #صناع_النهضة بالشراكة مع #كورديد وبدعم من #الاتحاد_الأوربي في مديريات المعافر وموزع محافظة تعز لمعالجة التحديات الحرجة التي يواجهونها والمتمثلة في انعدام الأمن الغذائي وفرص كسب العيش المحدودة من خلال تسهيل التدريب المهني لتعزيز آفاق كسب العيش.

المزيد من القصص

من بائع متجول إلى فني طاقة شمسية: بداية جديدة لفهد

في قرية شيحة الكائنة في عزلة الكلائبة، مديرية المعافر، محافظة تعز، يسكن فهد محمد ، رجل عصامي لم يُكمل تعليمه، إذ توقف عند الصف التاسع ليتحمل مبكرًا مسؤولية إعالة أسرته. عاش فهد حياة صعبة، مثقلاً بخمسة أطفال ومسؤوليات لا تنتهي، فعمل في بسطة خضار بسيطة بالكاد تكفي قوت يومه. ومع مرور الوقت، تراكمت...

مع كل جهاز أقوم بإصلاحه، أبني أملًا جديدًا لعائلتي

وسط واقع مليء بالتحديات والصراعات التي أثقلت كاهل المجتمعات الهشة، تبرز حكايات النساء الصامدات كرسائل أمل وإلهام. ومن بين هذه الحكايات، تروي بنت أحمد، طالبة في مجال مساعد طبيب، وأم لطفلين ابن وبنت. تجربتها كامرأة تصارع من أجل تأمين حياة كريمة لأسرتها، متحدية شح الموارد ومحدودية الفرص. وبرفقة زو...

من صيانة الدراجات النارية إلى بداية جديدة

في أعماق الريف اليمني، وتحديدًا في محافظة تعز – مديرية موزع، نشأ عبد الله علي ، شاب طموح حمل بين يديه حلم التعليم والتغيير. التحق بكلية التربية، ودرس البكالوريوس ليصبح معلمًا يُنير دروب الأجيال. لكنّ الواقع لم يكن رحيمًا، إذ لم تتح له فرصة التوظيف، فاضطر للعمل في الزراعة وصيانة المولدات لتأمين...

اقرأ المزيد