تخطي إلى المحتوى الرئيسي

من بائع متجول إلى فني طاقة شمسية: بداية جديدة لفهد

في قرية شيحة الكائنة في عزلة الكلائبة، مديرية المعافر، محافظة تعز، يسكن فهد محمد ، رجل عصامي لم يُكمل تعليمه، إذ توقف عند الصف التاسع ليتحمل مبكرًا مسؤولية إعالة أسرته. عاش فهد حياة صعبة، مثقلاً بخمسة أطفال ومسؤوليات لا تنتهي، فعمل في بسطة خضار بسيطة بالكاد تكفي قوت يومه. ومع مرور الوقت، تراكمت عليه الديون واضطر لترك عمله، ليجد نفسه أمام واقع أكثر قسوة.

لم تكن الأوضاع من حوله أفضل حالاً، فقد تفاقمت الحرب في اليمن وانهارت الخدمات الأساسية، من تعليم وصحة ومعيشة، حتى بات فهد عاجزًا عن تأمين أدنى احتياجات أسرته من طعام ودواء وتعليم. ولم تقف المصاعب عند هذا الحد، فحادث مروري تعرض له تسبب له بانزلاق في العمود الفقري، ما جعله غير قادر على العمل البدني الشاق، ليبدو له أن باب الأمل قد أُغلق تمامًا. وعن هذه المعاناة يخبرنا فهد قائلا "مررت بظروف صعبة للغاية، حيث لم أتمكن من إيجاد أي عمل، وكنت عاجزا حتى عن توفير أبسط الأساسيات لأطفالي".

وسط هذا الظلام، لمع بصيص أمل. تدريب مهني تقدمه منظمة صناع النهضة بدعم من منظمة كورديد، والاتحاد الأوروبي، ضمن مشروع يهدف إلى تعزيز سبل العيش في اليمن. لم يفوت فهد هذه الفرصة وهو الذي كان يبحث عن أي فرصة تنتشله من وضعه، حيث التحق فهد بتدريب مهني في تركيب وصيانة الطاقة الشمسية، لم تكن هذه الفرصة مجرد تدريب، بل كان بداية لتحول جذري في حياة فهد.

تعلّم فهد خلال التدريب أساسيات تصميم وتركيب وتشغيل أنظمة الطاقة الشمسية، واكتسب مهارات تقنية متقدمة. بدأ يرى في الشمس حليفة جديدة، تمنحه القدرة على إعادة بناء ذاته وحياته. تحوّل من شخص هشّ إلى رجل ذو إرادة قوية، يرى في كل يوم فرصة جديدة، وفي كل شعاع شمس بداية أمل.

انطلق فهد بمشروعه الأول من منزله المتواضع، محوّلاً إياه إلى مركز صغير يقدم خدمات الطاقة الشمسية لأبناء قريته والقرى المجاورة. لم يعد مجرد بائع خضروات، بل أصبح حرفيًا محترفًا يقدم خدمة حيوية تعود بالنفع على عائلته ومجتمعه.

أخبرنا فهد بإنه يواصل العمل بنشاط في مجاله، حيث قال" إلى الان قمت بتركيب 12 لوحًا شمسيًا، ونظام طاقة شمسية متكامل، وخمسة محولات طاقة شمسية. كما أجريت صيانة لأكثر من 50 لوحًا، شملت استبدال الصمامات، وإعادة توجيه الألواح نحو الشمس، وتنظيف منافذ الطاقة الشمسية، واستبدال الأسلاك، وفحص البطاريات، وتركيب المراوح ووحدات الإضاءة. ويوما بعد آخر أكتسب خبرة متزايدة وأكسب عددًا متزايدًا من العملاء".

وعن حلمه وطموحه أخبرنا فهد قائلا "أطمح بافتتاح محل صغير متكامل لتجهيز وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية، أتمكن من خلاله من تقديم الخدمة لزبائني من المناطق الريفية، كما أحلم بأن أصبح اسمًا موثوقًا في مجال صيانة الطاقة الشمسية". يشعر فهد بالثقة في نفسه وقدرته على التسويق لخدماته وتحقيق طموحه، وبناء سمعة تستند إلى الثقة والجودة.

ويختم فهد قصته بشكر عميق لمن ساعدوه في النهوض من جديد: منظمة صناع النهضة، منظمة كورديد، والاتحاد الأوروبي، الذين من خلال دعمهم، منحوه فرصة لإعادة بناء نفسه. اليوم، فهد يؤمن أن مستقبله بيديه، وأن إرادته أقوى من كل الصعاب.

فهد كان واحدا من ضمن 450 مشارك تم استهدافهم في عام 2024-2025 من قبل منظمة #صناع_النهضة بالشراكة مع #كورديد وبدعم من #الاتحاد_الأوربي في مديريات المعافر وموزع محافظة تعز لمعالجة التحديات الحرجة التي يواجهونها والمتمثلة في انعدام الأمن الغذائي وفرص كسب العيش المحدودة من خلال تسهيل التدريب المهني لتعزيز آفاق كسب العيش.

المزيد من القصص

التحول الحقيقي في حياة سوسن: رسم مسار نحو الاستقرار

في ريف محافظة تعز، وتحديداً في مديرية موزع، نشأت سوسن محمد ، امرأة ريفية كباقي النساء في منطقتها، تعيش حياة بسيطة، مستقرة، برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة. أكملت سوسن تعليمها الثانوي، وكانت تؤدي دورها كزوجة وأم في كنف أسرة تعتمد على عمل الزوج كمصدر وحيد للدخل. لكن الحياة تغيّرت فجأة حين أُصيب زوجه...

مع كل جهاز أقوم بإصلاحه، أبني أملًا جديدًا لعائلتي

وسط واقع مليء بالتحديات والصراعات التي أثقلت كاهل المجتمعات الهشة، تبرز حكايات النساء الصامدات كرسائل أمل وإلهام. ومن بين هذه الحكايات، تروي بنت أحمد، طالبة في مجال مساعد طبيب، وأم لطفلين ابن وبنت. تجربتها كامرأة تصارع من أجل تأمين حياة كريمة لأسرتها، متحدية شح الموارد ومحدودية الفرص. وبرفقة زو...

من صيانة الدراجات النارية إلى بداية جديدة

في أعماق الريف اليمني، وتحديدًا في محافظة تعز – مديرية موزع، نشأ عبد الله علي ، شاب طموح حمل بين يديه حلم التعليم والتغيير. التحق بكلية التربية، ودرس البكالوريوس ليصبح معلمًا يُنير دروب الأجيال. لكنّ الواقع لم يكن رحيمًا، إذ لم تتح له فرصة التوظيف، فاضطر للعمل في الزراعة وصيانة المولدات لتأمين...

اقرأ المزيد