تخطي إلى المحتوى الرئيسي

تحت سقف آمن

إن الصراع وعدم الاستقرار اللذان تشهدهما اليمن يجعلان الكفاح من أجل حياة كريمة من أعظم التحديات التي قد تواجه المرء، ولكن تزداد صعوبته أضعافاً عندما يتعلق الأمر بالمرأة.
سمر هي إحدى النساء اليمنيات اللاتي عانين من ويلات الصراع، وكحال الكثير من اليمنيين، لقد تغيرت حياتها بشكل مأساوي منذ لحظة اندلاع الصراع.
بدأت حكاية سمر-التي تبلغ من العمر سبعة وثلاثين عامًا حيث كانت تعيش سمر وطفلاها وزوجها بهدوء وسكينة في منزلهم الكائن في مدينة تعز بمديرية صالة، وكان يسكن في الطابق العلوي من هذا المنزل والداها.

تحكي لنا سمر عن حياتها قبل الحرب قائلة "كنت أعمل معلمة في المدارس الخاصة براتب ضئيل، بينما كان يعمل زوجي بالأجر اليومي، في الوقت الذي كان فيه الاعتماد الكلي على والدي الذي كان يملك محلًا في أحد أسواق المدينة وبعدها حصل زوجي على فرصة عمل أفضل، وبدأت حياتنا بالتحسن بصورة ملحوظة."

وتابعت سمر قصتها قائلة: ...  "لكن هذه السعادة التي غمرتنا لم تدم طويلاً، فقد اجتاحت الحرب مدينتنا. وفي حين لم نتصور أن تستمر لهذا القدر من الزمن أو أن تكون بهذه الوحشية، غادرنا مدينتنا ونحن لا نحمل سوى القليل من الحقائب والكثير من خيبة الأمل."

وتضيف ... "امتدت الحرب لسنوات، وتحولت المنطقة التي كنا نسكن فيها إلى خط نار، بدأت رحلتنا في النزوح إلى الاعبوس حيفان، وما لبثنا سوى بضعة أيام حتى أرسلوا الينا صور منزلنا المحترق!
" لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعد أسابيع قليلة من ذلك، وصل الصراع إلى المنطقة التي نمكث فيها، وهذه المرة نزحنا إلى مدينة إب، حيث توالت علينا المحن واحدة تلو الأخرى، من صعوبة دفع الإيجار في وقت لا نملك فيه قوت يومنا، ولا يوجد لدينا أي مصدر دخل، حتى وفاة والدتي أثر إصابتها بالسرطان، في الوقت الذي أصيب فيه أبي بالزهايمر رغم صغر سنه، وعانى أخي من مشاكل نفسية كثيرة. عندها، لم نستطع المكوث هناك أكثر من ذلك، وقررنا أنا وزوجي العودة إلى مدينتنا بعد أن استقرت الأوضاع.

وعند زيارتنا لمنزلنا ورؤيته لأول مرة بعد الحرب، تسلل اليأس إلى قلوبنا، فقد كان الأمر أشبه بكابوس مخيف للغاية. لقد فقدنا الأمل تمامًا في إمكانية إعادة إعماره أو السكن فيه مجددًا، فقد كانت حجم الأضرار التي خلفتها الحرب لا تعقل".

"في هذه المحطة من حياتنا، وبينما كان اليأس قد تمكن منا، وكنا في حينها نسكن في بيت في منطقة المركزي، وصلتنا أخبار عن أن منظمة #صناع_النهضة، وبتمويل من المفوضية السامية للأمم المتحدة #UNHCR ، قد تبنت مشروع إعادة تأهيل المنازل المتضررة من الحرب. حاولنا في وقتها تقديم الأوراق والوثائق المطلوبة، إلا أنه ومع الأسف لم تكن أوراقنا كاملة. ولكننا لاحقاً كنا ممتنين لذلك القدر، لأنه فيما بعد تم استهدافنا في المرحلة الثانية وبمبلغ أكبر من السابق، مما ساهم في ترميم المنزل بشكل كامل ومتقن".

تختتم سمر حديثها قائلة:
"لم أكن أتخيل أن يعود منزلنا لحالته السابقة، فقد كان الأمر ضربًا من خيال. ولكن رغم استحالة ذلك، إلا أنه قد تحقق في نهاية الأمر. فشكرًا لكم ولكل من عمل في هذا المشروع، لقد جبرتم قلوبنا وقلوب الكثيرين بعد أن كسرتها الحرب".

المزيد من القصص

التحول الحقيقي في حياة سوسن: رسم مسار نحو الاستقرار

في ريف محافظة تعز، وتحديداً في مديرية موزع، نشأت سوسن محمد ، امرأة ريفية كباقي النساء في منطقتها، تعيش حياة بسيطة، مستقرة، برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة. أكملت سوسن تعليمها الثانوي، وكانت تؤدي دورها كزوجة وأم في كنف أسرة تعتمد على عمل الزوج كمصدر وحيد للدخل. لكن الحياة تغيّرت فجأة حين أُصيب زوجه...

من بائع متجول إلى فني طاقة شمسية: بداية جديدة لفهد

في قرية شيحة الكائنة في عزلة الكلائبة، مديرية المعافر، محافظة تعز، يسكن فهد محمد ، رجل عصامي لم يُكمل تعليمه، إذ توقف عند الصف التاسع ليتحمل مبكرًا مسؤولية إعالة أسرته. عاش فهد حياة صعبة، مثقلاً بخمسة أطفال ومسؤوليات لا تنتهي، فعمل في بسطة خضار بسيطة بالكاد تكفي قوت يومه. ومع مرور الوقت، تراكمت...

مع كل جهاز أقوم بإصلاحه، أبني أملًا جديدًا لعائلتي

وسط واقع مليء بالتحديات والصراعات التي أثقلت كاهل المجتمعات الهشة، تبرز حكايات النساء الصامدات كرسائل أمل وإلهام. ومن بين هذه الحكايات، تروي بنت أحمد، طالبة في مجال مساعد طبيب، وأم لطفلين ابن وبنت. تجربتها كامرأة تصارع من أجل تأمين حياة كريمة لأسرتها، متحدية شح الموارد ومحدودية الفرص. وبرفقة زو...

اقرأ المزيد