تخطي إلى المحتوى الرئيسي

مع كل جهاز أقوم بإصلاحه، أبني أملًا جديدًا لعائلتي

وسط واقع مليء بالتحديات والصراعات التي أثقلت كاهل المجتمعات الهشة، تبرز حكايات النساء الصامدات كرسائل أمل وإلهام. ومن بين هذه الحكايات، تروي بنت أحمد، طالبة في مجال مساعد طبيب، وأم لطفلين ابن وبنت. تجربتها كامرأة تصارع من أجل تأمين حياة كريمة لأسرتها، متحدية شح الموارد ومحدودية الفرص. وبرفقة زوجها الذي يعمل بجد رغم ضيق الحال، تمكنت بدعم من منظمة صُناع النهضة من تحويل معاناتها اليومية إلى قصة نجاح واستقرار، لتصبح نموذجًا يُحتذى به في مجتمعها.

كغيرها من محافظات اليمن، تعاني محافظة تعز من تفاقم أزمة الأمن الغذائي نتيجة الصراع المستمر وتدهور الأوضاع الاقتصادية، مما أدى إلى ازدياد معدلات الفقر وسوء التغذية. كما يواجه السكان، خصوصًا الشباب والفتيات، تحديات كبيرة في الحصول على فرص عمل. وتبرز الحاجة الملحة إلى برامج تأهيل وتمكين اقتصادي تسهم في تحسين سبل العيش وتعزيز القدرة على الصمود.

في قرية الكدم، عزلة الكليبة، مديرية المعافر بمحافظة تعز، كانت الحياة صراعًا دائمًا ضد الفقر والمرض وآثار الحرب. ومع ضيق الدخل وندرة الخدمات الأساسية، كان من الصعب تأمين حتى الغذاء والدواء والتعليم. ومع ذلك، تمسكت بإرادة قوية، أرى في كل معاناة فرصة، وفي كل ألم حلمًا قيد التكوين.

وذات يوم، سمعت عن تدريب مهني يستهدف تمكين الافراد واكتساب مهارات لتحسين سبل العيش. وبدون تردد، اتخذت خيارًا شجاعًا لم تتخذه أي امرأة في قريتها من قبل.. حيث تقول بنت أحمد "لقد أصبحت أول امرأة تعمل في مجال إصلاح الهواتف المحمولة، لم تقم بهذا العمل أي امرأة من قبل في قريتي". وتضيف بنت أحمد "رأيت بأن تفردي كامرأة في هذا المجال سيكسبني فرصة للتميز وكسب الاحترام وتحقيق الاكتفاء الذاتي". وهذا بالفعل ما حدث مع بنت أحمد.

حيث التحقت بالتدريب الذي نفذته منظمة صناع النهضة، بالشراكة مع كورديد، وبدعم كريم من الاتحاد الأوروبي، وهناك بدأت رحلتها نحو التمكين. وعن تجربتها في هذا الجانب تقول بنت أحمد "لم يكن التدريب مجرد معلومات نظرية، بل اختُتم بتسليمي حقيبة مهنية متكاملة، تحتوي على أدوات ومعدات صيانة، لتكون مفتاح انطلاقي نحو مشروع خاص بي".

بثقة المتعلّم وصبر العامل الجاد، بدأت بنت أحمد العمل من المنزل وتحسن مع مرور الوقت. حيث تقول "شرعت في إصلاح مجموعة واسعة من أعطال الهواتف، بدءًا من استبدال الشاشات المكسورة والبطاريات التالفة ومنافذ الشحن المعطوبة، مرورًا بإصلاح مكبرات الصوت، وتهيئة الأجهزة، وتثبيت تطبيق واتساب، وفتح حسابات جديدة للعملاء" وعن سؤالها كيف كبر عملها وتحسن.. تقول بنت أحمد "في البداية كان دخلي لا يتجاوز 50 ألف ريال يمني شهريا وكنت اصلح ما بين 15 إلى عشرين جهاز طول الشهر، أما الان فاصبح دخلي ما بين 100 إلى 120 ألف ريال واقوم بإصلاح عدد كبير من الهواتف بالإضافة إلى أنواع كثيرة من الأعطال".

وتضيف بنت أحمد "اليوم، لم أعد تلك المرأة التي تنتظر الفرج، بل أصبحت امرأة تُبادر وتُغير وتُلهم. أحمل في قلبي امتنانًا عميقًا لكل من فتح لي هذا الباب: منظمة صناع النهضة، وشركاؤها، الذين أعادوا الأمل لامرأة كانت على وشك فقدانه".

اليوم، لم تعد امرأة تنتظر المساعدة، بل أصبحت امرأة تبادر وتتخذ الإجراءات وتُحدث التغيير وتلهم الآخرين. لقد شجّع إصرارها ونجاحها نساء أخريات في قريتها على التفكير في تعلّم مهارات جديدة وبدء مشاريعهنّ الصغيرة، متجاوزات التوقعات التقليدية. تشعر بامتنان عميق لمنظمة صناع النهضة وشركائها لفتحهم هذا الباب وإعادة الأمل إليها عندما كانت على وشك فقدانه.

كانت بنت أحمد واحدة من 450 شخص تم استهدافهم في 2024/2025 من قبل منظمة #صناع_النهضة، بالشراكة مع #كورديد، وبتمويل من #الاتحاد_الاوروبي، في منطقتي المعافر وموزع بمحافظة تعز، لمعالجة تحدياتهم الحرجة المتمثلة في انعدام الأمن الغذائي وفرص كسب العيش المحدودة من خلال تسهيل التدريب المهني لتعزيز آفاق كسب العيش.

المزيد من القصص

التحول الحقيقي في حياة سوسن: رسم مسار نحو الاستقرار

في ريف محافظة تعز، وتحديداً في مديرية موزع، نشأت سوسن محمد ، امرأة ريفية كباقي النساء في منطقتها، تعيش حياة بسيطة، مستقرة، برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة. أكملت سوسن تعليمها الثانوي، وكانت تؤدي دورها كزوجة وأم في كنف أسرة تعتمد على عمل الزوج كمصدر وحيد للدخل. لكن الحياة تغيّرت فجأة حين أُصيب زوجه...

من بائع متجول إلى فني طاقة شمسية: بداية جديدة لفهد

في قرية شيحة الكائنة في عزلة الكلائبة، مديرية المعافر، محافظة تعز، يسكن فهد محمد ، رجل عصامي لم يُكمل تعليمه، إذ توقف عند الصف التاسع ليتحمل مبكرًا مسؤولية إعالة أسرته. عاش فهد حياة صعبة، مثقلاً بخمسة أطفال ومسؤوليات لا تنتهي، فعمل في بسطة خضار بسيطة بالكاد تكفي قوت يومه. ومع مرور الوقت، تراكمت...

من صيانة الدراجات النارية إلى بداية جديدة

في أعماق الريف اليمني، وتحديدًا في محافظة تعز – مديرية موزع، نشأ عبد الله علي ، شاب طموح حمل بين يديه حلم التعليم والتغيير. التحق بكلية التربية، ودرس البكالوريوس ليصبح معلمًا يُنير دروب الأجيال. لكنّ الواقع لم يكن رحيمًا، إذ لم تتح له فرصة التوظيف، فاضطر للعمل في الزراعة وصيانة المولدات لتأمين...

اقرأ المزيد